سفانة
14-01-2012, 11:12 PM
العجوز قد مات
قصة قرأتها وأعجبتني وأردت أن انشرها لتستفيدوا منها
روي أن أحد الولاة كان يتجول ذات يوم في السوق القديم متنكرا في زي تاجر، وأثناء تجواله وقع بصره على دكان قديم
ليس فيه شيء مما يغري بالشراء ، كان الدكان شبه خالي، وكان فيه رجل طاعن في السن، يجلس بارتخاء على مقعد
قديم متهالك ،لم يلفت نظر الوالي سوى بعض اللوحات التي تركم عليها الغبار ، اقترب الوالي من الرجل المسن وحياه،
ورد الرجل التحية بأحسن منها ، وكان يغشاه هدوء غريب ، وثقة بالنفس عجيبة... وسأل الوالي الرجل: دخلت السوق لأشتري
فماذا عندك مما يباع ؟ أجاب الرجل بهدوء وثقة : أهلا وسهلا عندنا أحسن وأثمن بضائع السوق!! قال ذلك دون أن تبدر منه إشارة للمزح أوالسخرية..
فما كان من الوالي إلا أن ابتسم ثم قال: هل أنت جاد فيما تقول ؟ أجاب الرجل: نعم كل الجد ، فبضائعي لا تقدر بثمن ، أما بضائع السوق
فإن لها ثمن محدود لا تتعداه!! دُهش الوالي وهو يسمع ذلك ويرى هذه الثقة .. وصمت برهة وأخذ يقلب بصره في الدكان ،
ثم قال: ولكني لا أرى في دكانك شيئاَ للبيع!! قال الرجل أنا أبيع الحكمة.. وقد بعت منها الكثير ، وانتفع بها الذين اشتروها !
ولم يبقى معي سوى لوحتين، قال الوالي : وهل تكسب من هذه التجارة ؟ قال الرجل وقد ارتسمت على وجهه طيف ابتسامة : نعم يا سيدي ..
فأنا اربح كثيرا، فلوحاتي غالية الثمن جدا ، تقدم الوالي إلى إحدى اللوحتين ومسح عنها الغبار،فإذا مكتوب فيها (فكر قبل أن تعمل ) .. تأمل الوالي العبارة
طويلا .. ثم التفت إلى الرجل وقال : بكم تبيع هذه اللوحة ؟ قال الرجل بهدوء : عشرة آلاف دينار فقط ،
ضحك الوالي طويلا حتى اغرورقت عيناه ، وبقي الشيخ ساكنا كأنه لم يقل شيئا ، وظل ينظر إلى اللوحة بإعتزاز..
قال الوالي : عشرة آلاف دينار ..!! هل أنت جاد؟ قال الشيخ: ولا نقاش في الثمن!! لم يجد الوالي في إصرار العجوز إلا ما يدعو للضحك والعجب..
خمن في نفسه أن هذا العجوز مختل في عقله ، فظل يسايره وأخذ يساومه على الثمن ،ولكن العجوز يرفض وما زال مصرا على كلمته التي قالها ،
ضحك الوالي وقرر الإنصراف ، وهو يتوقع أن العجوز سيناديه إذا انصرف ، ولكنه لاحظ أن العجوز لم يكترث لانصرافه وعاد إلى كرسيه المتهالك
فجلس عليه بهدوء .. وفيما كان الوالي يتجول في السوق فكر!!.. لقد كان ينوي أن يفعل شيئا تأباه المروءة ، فتذكر تلك الحكمة (فكر فبل أن تعمل)فتراجع
عما كان ينوي القيام به ووجد انشراحا لذلك ، وأخذ يفكر وأدرك أنه انتفع بتلك الحكمة ، ثم فكر فعلم أن هناك أشياء كثيرة ،
قد تفسد عليه حياته لو أنه قام بها دون أن يفكر.. ومن هنا وجد نفسه يهرول باحثا عن دكان العجوز في لهفة، ولما وقف عليه
قال لقد فررت أن اشتري هذه اللوحة بالثمن الذي تحدده . لم يبتسم العجوز ونهض من على كرسيه بهدوء ،
وأمسك بخرقه ونفض بقيه الغبار عن اللوحة، ثم ناولها الوالي ، واستلم المبلغ كاملا ، وقبل أن ينصرف الوالي
قال له الشيخ: بعتك هذه اللوحة بشرط ..!! قال الوالي : وما هو الشرط ؟ قال : أن تكتب هذه الحكمة على باب بيتك ،
وعلى أكثر الأماكن في البيت وأدواتك التي تحتاجها عند الضرورة ، فكر الوالي قليلا ثم قال : موافق! وذهب الوالي إلى قصره فأمر بكتابه
هذه الحكمة على أكثر الأماكن في القصر وعلى ملابسه وملابس زوجاته وأدواته ، وتوالت الأيام وتبعتها الشهور وحدث ذات يوم قرر قائد الجند
أن يقتل الوالي لينفرد بالولاية واتفق مع حلاق الوالي الخاص بعد أن أغراه بالمال حتى وافق أن يكون في صفه وفي دقائق سيتم ذبح الوالي ،
ولما توجه الحلاق إلى قصر الوالي أدركه الإرتباك ، إذ كيف سيقتل الوالي ، إنها مهمة صعبة وخطيرة ، وقد يفشل ويطير رأسه ..!!
ولما وصل إلى باب القصر رأى مكتوب على البوابة ( فكر قبل أن تعمل ) وازداد إرتباكا ، وانتفض جسده ن ودخله الخوف ،
ولكنه استجمع قواه ودخل وفي الممر الطويل ، رأى العبارة ذاتها تتكرر عدو مرات هنا وهناك
( فكر قبل أن تعمل ) ( فكر قبل أن تعمل) ( فكر قبل أن تعمل) وحتى حين قرر أن يطأطئ رأسه فلا ينظر إلا إلى الأرض ،
رأى على البساط نفس العبارة تخرق عينيه .! وازداد اضطرابا وقلقا وخوفا ، فأسرع يمد خطواته ليدخل على الحجرة الكبيرة ،
وهناك رأى نفس العبارة تقابله وجها لوجه( فكر قبل أن تعمل) فانتفض جسده من جديد وشعر أن العبارة ترن في أذنيه بقوة لها صدى شديد !
وعندما دخل الوالي هاله أن يرى أن الثوب الذي يلبسه الوالي مكتوب عليه : ( فكر قبل أن تعمل) شعر أنه المقصود بهذه العبارة ،
بل دخله شعور بأن الوالي ربما يعرف ما خطط له !! وحين أتى الخادم بصندوق الحلاقة الخاص بالوالي ، أفزعة أن يقرأ على الصندوق نفس العبارة
( فكر قبل أن تعمل) واضطربت يداه وهو يعالج فتح الصندوق ، وأخذ جبينه يتصبب عرقا، وبطرف عينه نظر إلى الوالي الجالس فرآه مبتسما هادئا ،
مما زاد في اضطرابه وقلقه ..! فلما هم بوضع رغوة الصابون لاحظ الوالي ارتعاشه يده ، فأخذ يراقبه بحذر شديد، وتوجس ،
وأراد الحلاق أن يتفادى نظرات الوالي إليه ، فصرف نظره إلى الحائط فرأى اللوحة منتصبة أمامه ( فكر قبل أن تعمل)
فوجد نفسه يسقط منهارا بين يدي الوالي وهو يبكي منتحبا ، وشرح للوالي تفاصيل المؤامرة وذكر له آثر هذه الحكمة التي كان يراها في كل مكان ،
مما جعله يعترف بما كان سيقوم به ، ونهض الوالي وأمر بالقبض على قائد الحرس وأعوانه ، وعفا عن الحلاق .
وقف الوالي أمام تلك اللوحة يمسح عنها ما سقط عليها من غبار وينظر إليها بزهو ، وفرح وانشرح ، فاشتاق لمكأفاة ذلك العجوز ،
وشراء حكمة آخرى منه ، لكنه حين ذهب إلى السوق وجد الدكان مغلقا ، وأخبره الناس أن العجوز قد مات .
قصة قرأتها وأعجبتني وأردت أن انشرها لتستفيدوا منها
روي أن أحد الولاة كان يتجول ذات يوم في السوق القديم متنكرا في زي تاجر، وأثناء تجواله وقع بصره على دكان قديم
ليس فيه شيء مما يغري بالشراء ، كان الدكان شبه خالي، وكان فيه رجل طاعن في السن، يجلس بارتخاء على مقعد
قديم متهالك ،لم يلفت نظر الوالي سوى بعض اللوحات التي تركم عليها الغبار ، اقترب الوالي من الرجل المسن وحياه،
ورد الرجل التحية بأحسن منها ، وكان يغشاه هدوء غريب ، وثقة بالنفس عجيبة... وسأل الوالي الرجل: دخلت السوق لأشتري
فماذا عندك مما يباع ؟ أجاب الرجل بهدوء وثقة : أهلا وسهلا عندنا أحسن وأثمن بضائع السوق!! قال ذلك دون أن تبدر منه إشارة للمزح أوالسخرية..
فما كان من الوالي إلا أن ابتسم ثم قال: هل أنت جاد فيما تقول ؟ أجاب الرجل: نعم كل الجد ، فبضائعي لا تقدر بثمن ، أما بضائع السوق
فإن لها ثمن محدود لا تتعداه!! دُهش الوالي وهو يسمع ذلك ويرى هذه الثقة .. وصمت برهة وأخذ يقلب بصره في الدكان ،
ثم قال: ولكني لا أرى في دكانك شيئاَ للبيع!! قال الرجل أنا أبيع الحكمة.. وقد بعت منها الكثير ، وانتفع بها الذين اشتروها !
ولم يبقى معي سوى لوحتين، قال الوالي : وهل تكسب من هذه التجارة ؟ قال الرجل وقد ارتسمت على وجهه طيف ابتسامة : نعم يا سيدي ..
فأنا اربح كثيرا، فلوحاتي غالية الثمن جدا ، تقدم الوالي إلى إحدى اللوحتين ومسح عنها الغبار،فإذا مكتوب فيها (فكر قبل أن تعمل ) .. تأمل الوالي العبارة
طويلا .. ثم التفت إلى الرجل وقال : بكم تبيع هذه اللوحة ؟ قال الرجل بهدوء : عشرة آلاف دينار فقط ،
ضحك الوالي طويلا حتى اغرورقت عيناه ، وبقي الشيخ ساكنا كأنه لم يقل شيئا ، وظل ينظر إلى اللوحة بإعتزاز..
قال الوالي : عشرة آلاف دينار ..!! هل أنت جاد؟ قال الشيخ: ولا نقاش في الثمن!! لم يجد الوالي في إصرار العجوز إلا ما يدعو للضحك والعجب..
خمن في نفسه أن هذا العجوز مختل في عقله ، فظل يسايره وأخذ يساومه على الثمن ،ولكن العجوز يرفض وما زال مصرا على كلمته التي قالها ،
ضحك الوالي وقرر الإنصراف ، وهو يتوقع أن العجوز سيناديه إذا انصرف ، ولكنه لاحظ أن العجوز لم يكترث لانصرافه وعاد إلى كرسيه المتهالك
فجلس عليه بهدوء .. وفيما كان الوالي يتجول في السوق فكر!!.. لقد كان ينوي أن يفعل شيئا تأباه المروءة ، فتذكر تلك الحكمة (فكر فبل أن تعمل)فتراجع
عما كان ينوي القيام به ووجد انشراحا لذلك ، وأخذ يفكر وأدرك أنه انتفع بتلك الحكمة ، ثم فكر فعلم أن هناك أشياء كثيرة ،
قد تفسد عليه حياته لو أنه قام بها دون أن يفكر.. ومن هنا وجد نفسه يهرول باحثا عن دكان العجوز في لهفة، ولما وقف عليه
قال لقد فررت أن اشتري هذه اللوحة بالثمن الذي تحدده . لم يبتسم العجوز ونهض من على كرسيه بهدوء ،
وأمسك بخرقه ونفض بقيه الغبار عن اللوحة، ثم ناولها الوالي ، واستلم المبلغ كاملا ، وقبل أن ينصرف الوالي
قال له الشيخ: بعتك هذه اللوحة بشرط ..!! قال الوالي : وما هو الشرط ؟ قال : أن تكتب هذه الحكمة على باب بيتك ،
وعلى أكثر الأماكن في البيت وأدواتك التي تحتاجها عند الضرورة ، فكر الوالي قليلا ثم قال : موافق! وذهب الوالي إلى قصره فأمر بكتابه
هذه الحكمة على أكثر الأماكن في القصر وعلى ملابسه وملابس زوجاته وأدواته ، وتوالت الأيام وتبعتها الشهور وحدث ذات يوم قرر قائد الجند
أن يقتل الوالي لينفرد بالولاية واتفق مع حلاق الوالي الخاص بعد أن أغراه بالمال حتى وافق أن يكون في صفه وفي دقائق سيتم ذبح الوالي ،
ولما توجه الحلاق إلى قصر الوالي أدركه الإرتباك ، إذ كيف سيقتل الوالي ، إنها مهمة صعبة وخطيرة ، وقد يفشل ويطير رأسه ..!!
ولما وصل إلى باب القصر رأى مكتوب على البوابة ( فكر قبل أن تعمل ) وازداد إرتباكا ، وانتفض جسده ن ودخله الخوف ،
ولكنه استجمع قواه ودخل وفي الممر الطويل ، رأى العبارة ذاتها تتكرر عدو مرات هنا وهناك
( فكر قبل أن تعمل ) ( فكر قبل أن تعمل) ( فكر قبل أن تعمل) وحتى حين قرر أن يطأطئ رأسه فلا ينظر إلا إلى الأرض ،
رأى على البساط نفس العبارة تخرق عينيه .! وازداد اضطرابا وقلقا وخوفا ، فأسرع يمد خطواته ليدخل على الحجرة الكبيرة ،
وهناك رأى نفس العبارة تقابله وجها لوجه( فكر قبل أن تعمل) فانتفض جسده من جديد وشعر أن العبارة ترن في أذنيه بقوة لها صدى شديد !
وعندما دخل الوالي هاله أن يرى أن الثوب الذي يلبسه الوالي مكتوب عليه : ( فكر قبل أن تعمل) شعر أنه المقصود بهذه العبارة ،
بل دخله شعور بأن الوالي ربما يعرف ما خطط له !! وحين أتى الخادم بصندوق الحلاقة الخاص بالوالي ، أفزعة أن يقرأ على الصندوق نفس العبارة
( فكر قبل أن تعمل) واضطربت يداه وهو يعالج فتح الصندوق ، وأخذ جبينه يتصبب عرقا، وبطرف عينه نظر إلى الوالي الجالس فرآه مبتسما هادئا ،
مما زاد في اضطرابه وقلقه ..! فلما هم بوضع رغوة الصابون لاحظ الوالي ارتعاشه يده ، فأخذ يراقبه بحذر شديد، وتوجس ،
وأراد الحلاق أن يتفادى نظرات الوالي إليه ، فصرف نظره إلى الحائط فرأى اللوحة منتصبة أمامه ( فكر قبل أن تعمل)
فوجد نفسه يسقط منهارا بين يدي الوالي وهو يبكي منتحبا ، وشرح للوالي تفاصيل المؤامرة وذكر له آثر هذه الحكمة التي كان يراها في كل مكان ،
مما جعله يعترف بما كان سيقوم به ، ونهض الوالي وأمر بالقبض على قائد الحرس وأعوانه ، وعفا عن الحلاق .
وقف الوالي أمام تلك اللوحة يمسح عنها ما سقط عليها من غبار وينظر إليها بزهو ، وفرح وانشرح ، فاشتاق لمكأفاة ذلك العجوز ،
وشراء حكمة آخرى منه ، لكنه حين ذهب إلى السوق وجد الدكان مغلقا ، وأخبره الناس أن العجوز قد مات .